Breaking News

زوجي بمنتهى الجمال

الجزء الأول :

جلستنا .. لم تكن للعمل بل كانت جلسة أنس .... كنت أرتدي فستاني الوردي و عباءة سوداء طويلة ... لم أتكلّف في لباسي ... فالمناسبة هي ترقية زميلتنا سوسن ... وأحبّت أن تكون المباركة في بيتها ....  
بيت سوسن ضيق فهو بالكاد يسعها و أولادها ... لكنه أنيق و مرتب بشكل جذاب ... ينم عن ذوقها في الإختيار ... لا شكّ عندي في ذوقها الرفيع ... لم يكن ذوقها ميزتها الوحيدة .... بل كان رأيها الصائب هو أهم مميزاتها ... شيئ عرفت به ... فمتى ما قالت فعلى الجميع الإنصات .. 
أطرقت برأسي و أنا أترشف قهوتي الساخنة ... سكرها قليل و أنا أحبها حلوة جدا .... لكنني لم أنبس بكلمة ... لأن سوسن أكيد ستخبرني بكل مساوئ السكّر على الصحة .. و أنا لا أستطيع التخلي عنه ... إذن سأشربها كما هي يا سوسن ... فكرت و ابتسمت
كلّ الجالسات .. من أصحاب الشهادات العليا ... لكن الجلسة لم تخلو من الشكوى اليومية ... عن التعب الذي لا ينتهي بين العمل و المنزل ... عن حكايا بيوتنا المضحكة المبكية ... لكنني لم أكن أضحك ... كنت أجاريهم في الحديث... مدارية همي الكبير... 
يا لكوب القهوة الذي لا ينتهي .. هل سيكون من اللائق أن أتركه شبه ممتلئ؟؟
رفعت رأسي ... فإذا بأعينهن تحدق بي.. ربما تكلمت بصوت مسموع ...
إسراء: سألتك غن حالك مع زوجك  ... أكيد أنكما منسجمان..
في الحقيقة لم أجد جوابا جاهزا .. نظرت إليها و ابتسمت .. و تمنيت لو أن ابتسامتي تكفي ... بخير ... نتشاجر أحيانا و نتصالح اخرى ... 
سوسن : لا تستمعوا إليها ... فزوجها بمنتهى الجمال .. 
نظرت إليها : وقلت وأنا جميلة كذلك
قالت : لا أقصد الشكل فقط ... إنما هو جميل في أخلاقه و في تعاملاته .. 
نظرت للأخريات و أضافت: زوجها مثال لرجال لا نجدهم في هذا الزمان .. عندما أراهما معا .. أعلم أنها أحسنت الإختيار .. 
قلت : شكرا 
كلامها عن زوجي كله ثقة ... فهي الوحيدة التي تعرفه من بينهن .. و أكيد أن الجميع صدقنها... 
كانت خلاصة جلستنا .. أن زوجي أنا ... بمنتهى الجمال
إما أنك أخطأت الهدف يا سوسن ...و إما أنني عمياء لا أرى .. فزوجي ليس جميلا إلى هذا الحدّ....

الجزء الثاني :

جالسة ببيتي بعد أن أنهيت أعمال البيت اليومية ... أحس بالتعب و الإنهاك مع أنني لم انظف بعمق ... اوووووف .. بقعة على الجدار ... ستكون أول ما يراه زوجي ... أكيد أنها ستخطف مني الأضواء ... لن يراني و البقعة على الجدار .. 
يا لهذه الفوضى العارمة في حياتي ... الكثير من الأشياء ليست بمكانها ...و أكثر منها الأشياء التي ليس لها مكان .. لما لم أستطع تنظيمها ... لما لا اقوى على ذلك ... مع أنني لست كسولة و طوال الوقت و أنا أعمل لا أتوقف ..
أكره وقت دخول زوجي البيت ... أنا لا أكرهه ... و لكن أول خمس دقائق فيها خمسمائة توجيه و خمسون نقدا صريحا مصحوبا بتجريح ... و ألف تذمر صامت فيه فقط تأففات
عندما أثبت في الخمس دقائق ... يمر اليوم بسلام ... وأي رد مني بالرفض أو الإقرار ..
تصحبه حرب نفسية قاسية ... فيها صراخ و شتم و إهانات
آه ... يا سوسن ... أين رأيت الجمال الذي لم أره؟؟ .. كيف عرفت كل هذه التفاصيل عن زوجي و لم أعرفها أنا؟؟ ... هل طبقتي نظرية زوجك الوديع على كل الرجال؟؟ ..
زوج سوسن .. رجل وديع .. إذا تأخرنا في العمل يغسل لها الأطباق ... و يمسح الأرض .. و يخرج أولاده في جولة إلى أن تحضر .. و يأكلون في الخارج ...عزيمة يعني ... كل أسبوع .. 
يا سوسن ..يا حبيبتي .. يومين دون مسح الأرضية جريمة يعاقب عليها القانون عندنا .. و إذا لم أطبخ .. زوجي قد يحرمني من الميراث .. و إذا تأخرت في العمل ..قد أتعرض لمسائلة الأمم المتحدة ... يا مهجة قلبي ... خروفك قد يكون جميلا ... وليس غضتفرنا
أهم شيئ الآن ... أن أمسح البقعة على الجدار قبل أن يصل..


الجزء الثالث :

أنا إنسانة مشغولة ... لا أكف عن العمل ... طوال الليل و النهار .. لا أظن أن فتاة مدللة كسوسن تعمل أكثر مني ... لكن نتيجة هذا العمل لا تظهر .. فلست من النوع الذي يحكي قصص تنظيف البيت لزوجي ... هكذا أوصتني جدّتي ... زوجك لا يجب أن يسمع تفاصيل مملة عن أشغالك بالبيت ... الناس تفخر بانجازاتها الكبيرة و ليس بواجباتها ... 

لكن هناك مشكلة ... فحياتنا ليست صافية تشوبها الغيوم أحيانا ....إنما مكفهرة لا تصفو إلا دقائق... فأكيد أن هناك مشكلة ....  لكن علي أن أجلس مع نفسي قليلا و أفكر .... ما هي مشكلتي ... عدم التكافؤ الإجتماعي .. الثقافي ... ما الّذي أقوله ؟ و هل حياتي شعارات ... يجب أن أجد المشكلة و أختصرها في جملة واحدة ... بسيطة أفهمها ... 

ما عساها تكون مشكلتي؟ ... الآن أصبح بحثي الحقيقي عن المشكلة الرئيسية التي تدور حولها الأحداث السيئة في حياتي ... لماذا لا تشبه حياتي حياة سوسن مثلا ؟ 
أستغفر الله ... لكن رغما عني تقفز كل مرة صورة سوسن ... و هي تتكلم عن زوجي ... أريد أن ابهرها ... و أنتصر على زوجي ... طول حياتي و أنا أحب التميز ... و هذه فرصتي ... للإنتصار ... لإظهار مواهبي ... فرصتي لإنقاذ زواجي

لكن لما انا ؟  لما ليس هو .... لما أكون أنا الّتي عليها أن تحافظ على هذا الزواج؟؟ ... إذا كان يراني مقصرة في أشغال البيت ... فأنا أراه مقصرا في حقي كإمرأة ... لكنه راض بحياتنا كما هي ... يتأسد علي .. يفسد حياتي ... و الكلّ يراه جميلا ... ماذا سيريد أكثر؟؟
يجب أن أغير الوضع ... من أجل نفسي ... من أجل سعادتي ... و لا ضير أن ينتفع هو و أولادي من الوضع ... سيكون إنجازا من أجل نفسي التي طالما نسيتها ... و بهذا لن أنتظر شكرا من أحد .. بل أحتسب الأجرعند المولى تبارك و تعالى ... 

يا زوجي العزيز ...إنتظر لترى إنتصاري ...

الجزء الرابع

أمسكت ورقة و قلما ... وصرت أكتب .... من أنا؟ ما هو حالي و ما الذي أريده ...
كان يجب أن أعرف من أنا ... لأعيد تقدير نفسي التي أضعتها ... و أنا أقلد مشية الطاووس ... فلا أنا وصلت إلى المثالية المرجوة و لا حتى حافظت على ما أملك .. إنجازاتي الحالية لم تكن صفرا .. و الحمد لله ... لكن كانت تحتاج إعادة نظر ..جادّة ..

أصعب مرحلة بالنسبة لي هي معرفة ما أريد .... تخيل المستقبل بتفاصيله ... كان شيئا مخيفا بالنسبة لي ... كان عقلي يكذّب كل ما أقوله و لا يثق في كلامي ... يراني مجرد فاشلة سمعت درسين في تطوير الذات ... و تريد أن تصل إلى ما لايعقل ... توقفت ..

توقفت لأنني احتجت من يدعمني ... احتجت إلى صديق ... إحتجت إلى من يصدقني .. أنا متخاذلة؟؟ ... لا بالطبع .. قررت النجاح .. و لكن لأمضي أحتاج أن أومن بهدفي ... أن أصدقه ... حتى الرسول صلى الله عليه و سلم جعل الله له خديجة و أبو بكر الصديق .. سيد البشر  جعل الله له من يدعمه .. مع أن دعم الله له كاف .... لكنه  يحتاج بوصلة بشرية تسنده دوما في طريق الحق ...

سندي لن يكون زوجي .. فهو يراني غير صالحة لأي شيئ ... و لن يكون بعمق تفكيري ... ولا سوسن أعز صديقاتي .. لا أحب دمج أموري الشخصية مع عملي ...  و أكيد سوسن ستسالني كل يوم ما الجديد .... لن أضع نفسي في هذا السجن ... لم تتبقى غير أختي ... نعم هي من ستتمكن من دعمي .. و ستفهمني ... و ستجعلني أصدق أنني سأنجح .. ستأخذ بيدي و لن أحتاج العون من آخر ... دعوت الله التوفيق ... و كلمتها ... لأول مرة كصديقة ...

يا أختي يا أعز الأصدقاء ... أحتاج أن أصدّق نفسي ... ليصدقني الناس ... 

الجزء الخامس

تخيّلت المستقبل بكل تفاصيله ... صنعت نسخة خيالية عني ... مستمدة من كل الناس الناجحين الذين قابلتهم في حياتي

تتبع القدوات كان نقطة فاصلة في حياتي .... تذكرت الكثير ممن عايشتهم ... تذكرت اللحظات الحلوة و المرّة .... و بيني و بين نفسي قررت أن أسامحهم .... أنا لست مثالية و هم كذلك ... فعلي أن أسامح الجميع بما فيهم نفسي ...
وقفت و نظرت إلى يدي و هي ترتجف ... يدي التي أسقطت كوب القهوة ...أسقطته عن غير عمد ... يدي المبدعة تسقط الأشياء على الأرض و تلطخها ... 
هنا .... رأيت أن يدي تشبه أيدي الناس .... تخطئ و تصلح .... مثل يد سوسن التي تحسن الترتيب ... و لكنها تعاقب الأولاد على هفواتهم ... سوسن إذن تنفع أن تكون قدوة في التدبير المنزلي ... 
يد والدتي كذلك كانت تضربني بقسوة ... لكنها تنفع أن تكون أحسن القدوات ... رباطة جأشها جعلت منا رجالا و نسوة يشد فيهم الظهر ... تفكيرها الصائب ... وفر علينا سنوات ضوئية من التخبط ... كانت أما رائعة و لا تزال تلك الصديقة المحبة ... التي يتمنى أن يحظى بها كل الناس....
وجدت قدوتي ... نبراسي ... أمي ... و هكذا وجدت الطريق الصحيح

الجزء السادس

انتهت مرحلة الأفكار ... و كان عليّ البدء بالعمل .... العمل الجاد .... لأن المشوار طويل
علاقتي بربي .... أول النقاط ... وأهمها على الإطلاق .... كان علي أن أعرف أين أنا .... بدأت بصلاتي ... كنت قرأت مقالا للرائعة الأستاذة خلود الغفري ... يتحدث عن الصلاة في الربع الساعة الأولى بعد الآذان .... هذا التطبيق الصغير فتح شهيتي للعمل أكثر..... فاتخذت الدعاء سبيلا ... ليس الدعاء في آخر الصلاة أو الدعاء في جوف الليل ... إنما الدعاء في كل وقت ... لكل الأشياء ... حتى اليسيرة ... المؤكدة ... اللازمة الحدوث ... هدفي منه أن أبقى على علاقة دائمة مع ربي ....في كل وقت أذكر الله .... وبهذه الطريقة لن أكون من الغافلين ... و كتبت باقي أهدافي حتى لا انساها ... لكنني أردت أن أكون متمرسة في هاتين النقطتين بالذات  ... و الباقي سيأتي ....

أنا آكل كرفسا أو خيار ؟ ... أو أستبدل السكر بالزبدة ؟؟؟
نعم إنها أنا ... قررت أن تكون تغذيتي صحية ... باستبدال العناصر غير المغذية بعناصر مفيدة .... طبعا لا زلت ضد الرجيم أو الحمية ... بكل مسمياتها ... فهي طريقة لتقليص الجسم ....ليعود حاملا معه تضاريس جديدة لم تكن في الحسبان ... 
لذا بدأت باستبدال عادات القديمة كالأكل طوال الوقت ... بالإلتزام بالوجبات الرئيسية ... أنوي وضع برنامج رياضي ....  لكنني الآن .... إكتفيت بجريي الدائم بين عملي وبيتي و أولادي ... صحتي تحسنت ... بشكل ملحوظ .... و بخطوات بسيذة للغاية
و لا أنسى النهوض المبكّر .... الذي عاد علي بالخير الكثير .... في دنياي و ديني

مجرد البداية صنعت فارقا كبيرا في حياتي ... 


الجزء السابع

بدأت حملة الترتيب و التنظسف .... غرفة غرفة .... أغير ما يجب تغييره .. أرمي التالف ... و أرتب ما أحتاج ... فسهل أمر التنظيف كثيرا
لم أكن مهملة ... و لكن النتائج الآن تظهر مغايرة ... اختلف الأمر بالكلية ... لمّا أدركت أهمية تلك التغييرات لصغيرة التي لا نعيرها اهتماما بالعادة .... هي التي تصنع لمعان النتائج
أحببت العملية و بدأت في تنظيم عملي ... صرت أبحث عن كل جديد و أجربه ... و أكتب عن النتائج المحصل عليها ... بصدق و أمانة ... و كأنني أكتبها لشخص آخر
و امتدت الحملة لتصل إلى العناية بجسمي .... هذه المرة من جهة الشكل الخارجي ... جدول للعناية بشعري ... و جدول للعناية بكل نقطة من جسدي .... صرت أجهز أسئلة مخصصة لسؤال طبيبتي ... لأفهم كيف أعتني بنفسي ... صارت الأدوية آخر شيئ ألجئ إليه ... 
بدأت ملامح شخصيتي تتغير ... بدأت تنحسر العصبية اتي كانت سمة غالبة على تعاملاتي مع زوجي و أولادي ... نعم ... كانوا أكثر من يتعرض لسخطي ...
الآن ... صاروا ينعمون بالهدوء الذي أحطت به نفسي .... 
تعلمت الكثير عن تربية أولادي ... و صار خلق جو مناسب لهم ... مقصدا من مقاصد حياتي ... صرت انتبه أن كون حياتي مليئة بالمشاكل .... هذا لا يعني أن يعيشوا هذه المرارة معي ... حقيقة أن والدهم منتقد بامتياز ... لا يعني أن تسوّد حياتهم لمجرد سقوط بعض الماء على الأرض .... 
فهمت أن إحتواء بعض المشاكل ... من أجل صالح العائلة ... هو واجب تفرضه مسؤوليتي ... ليس كارثة لا يمكن احتمالها ... أوظلما ... و علي بالتضحية من أجل الكل
هو واجب ... فقط ... أجتهد فيه بقدر ما استطعت ... 

عندما صار هوسي هو التحسين المستمر ... عرفت أنني في الإتجاه الصحيح


الجزء الثامن

بدأ زوجي يشدّ لهذه الشخصية الجديدة ..... ليست جديدة تماما .... بل فيها الكثير من شخصيتي القديمة ... مع التعديل

صار يدخل مبكرا إلى البيت ... ليتفاجأ بما أحدثت من تغييرات ... يحاول إثارة الشغب  بكثير من المشادّات التي يفتعلها .... و التي تقابل من جهتي ببرود ... و أحيانا بضحك جنوني ... و أحيانا أخرى بتجاهل وكأنّه لم يقل شيئا .... و نادرا ما أستجيب بدون أي تبرير ...
و بدأت تتناقص انتقاداته ... بل و الأحسن من ذلك ... صار ينتقد العمل ... و حكاية أنت لا تعرفين ... انتهت من بيتنا ... 
صرنا نواجه مشاكل حقيقية ... كمرض الأولاد ... أو حفل زفاف و نحن لا نملك سنتا ... أو أيام متتالية لا أوقظه لصلاة الفجر...
و ما حصل انه ليس الوحيد الذي وقع في غرامي ... بل انا كذلك صرت أحبه ... و هل كنت أكرهه ؟؟؟ الجواب  .. لا بالتأكيد ...
لكنني لن أستيقظ صباح أحد الأيام  ... لأعرف أنني أحبه ... بل الحب .. تلك الإبتسامة الحانية عندما أمرض ... تلك القهقهة عندما أستيقظ و شعري منكوش .... عندما يناولني كأس ماء دون أن أطلب .....بل لأنه أحس بالعطش ... و توقع أن أكون عطشانة ... ذلك الشاي و المكسرات التي يشتريها ... فقط لأنني أحبها .... جلوسه على الأرض مع الأولاد و قوله:  هيا أخرجي قبل أن ينتبهوا.....
كل هذا جعلني أفهم لما رأته سوسن بمنتهى الجمال و لم أره انا...
لأنها رأت حسنه دون إنتقاد ... 
لاحظت معاملاته مع الآخرين .... و لم تنتبه لمعاملته لي
أين أنت يا سوسن .... لأخبرك أنني أراه أجمل مما رأيته....

لم ينته مشواري هنا ... لكنني عرفت أي إتجاه أسلك ...
عرفت طريقي الحقيقي ...

هناك 5 تعليقات:

  1. هههههههههنهههه ... كما قالت في فيلم مصري تزوجت رجلا بشوشا مع كل النساء ما عدا انا

    ردحذف
  2. يرحم باباك لا صبتي الحل قوليهنا رانا كامل عندنا هاد الجانب من التاسد و لكن لماذا ؟؟؟

    ردحذف
  3. بانتظار حكايا انتصاراتك ، بالتوفيق يا حبيبة❤

    ردحذف
  4. ربي يعينك و يوفقنا و اياك

    ردحذف